الثلاثاء، 16 يوليو 2019

“تمازيرت فضاء الفن و الإبداع” شعار الدورة الأولى لـ”الموگار ايت عيسي”

“تمازيرت فضاء الفن و الإبداع” شعار الدورة الأولى لـ”الموگار ايت عيسي”
تستعد جمعية ” انموگار ايت عيسي” بمنطقة ايحاحان، بشراكة مع المجلس الجماعي لايت عيسي، لتنظيم النسخة الأولى من “الموگار ايت عيسي” بدوار “اگي مهند ايت عيسي” وذلك خلال أيام 22، 23، 24 غشت 2019، تحت شعار :” تمازيرت فضاء الفن و الإبداع”.

وتسعى الجهة المنظمة، للدورة الأولى لـ”الموگار ايت عيسي” إلى “ارتقاء بالفن بالوسط القروي و تجسيدا لروح الإبداع بالمنطقةّ. حسب مدير الدورة، الفنّان حميد أشتوك.

هذا، و قد برمجت الجمعية المشرفة على المهرجان، خلال هذا الملتقى الفني و التنموي برامج موازية عديدة تساهم في خلق ثورة إبداعية محلية من خلال مشاركة الهيئات المدنية في معارض للمنتجات المحلية.

كما يسلط “الملتقى” الضوء على المجموعات المحلية من خلال إتاحة الفرصة لهم للمشاركة في المنصات الكبرى إلى جانب وجوه فنية معروفة. و يعد “المهرجان ضيوفه بمفاجات فنية ستلهب فضاءات “الموگار ايت عيسي”.



الأربعاء، 3 يوليو 2019

إحاحان


إحاحان
إحاحان (باللغة الأمازيغية: ⵉⵃⴰⵃⴰⵏ)، هي منطقة وسط غرب المغرب ينتمون إلى قبيلة مصمودة الأمازيغية، ويتحدثون بالأمازيغية السوسية.


جغرافيا
تحدها شمالا هضاب شياظمة و مدينة الصويرة، و شرقا جبال الأطلس الكبير، و جنوبا منطقة سوس[؟] ومنطقة إداوتنان، وتطل غربآ على المحيط الأطلسي.

إداريامنطقة إحاحان هي تابعة لإقليم الصويرة إلى جانب الشياظمة، و إقليم الصويرة تابع لجهة مراكش أسفي وسط غرب المملكة المغربية.

سكانها
اسم السكان القاطنين بالمنطقة إحاحان و مفردها إحيحي مؤنتها تيحيحت. ينقسمون إلى عدة قبائل منها:
إدوتغما
إنكنافن
أيت عيسي
إدوبوزيا
إدويسار
إدوگرض
أيت زلطن
إمسوان
أيتامر

إقتصاد

يعتمد سكان إحاحان على الفلاحة و تجارة بدرجة الأهم حيث تتغطي المنطقة مساحات هامة من شجر الأرگان بدرجة أكبر إلى جانب شجر الزيتون و اللوز و زراعة القمح بالأراضي البورية ، بالإضافة إلى تربية الماشية .بالإضافة إلى مجال الصيد خصوصا بجماعة إمسوان.

ثقافة
تعرف منطقة إحاحان تنوعا ثقافيا هاما، يغلب عليه الطابع الأمازيغي بالخصوص، تحديداً فن أحواش[؟] و فن الروايس، حيث نذكر صالح الباشا و الفنانة فاطمة تيحيحيت. إلى جانب ثقافة تبين مدى تعلق الإنسان الإحيحي بأرضه الأصل و دينه الإسلامي و هذا ما يظهر في الأعياد الدينية و المعروف و إض يناير أي رأس السنة الأمازيغية، كذلك جملة من العادات و التقاليد.



الأحد، 17 مارس 2019

تقاليد الزواج في قبيلة "إداوسارن" بـ"إحاحان"

تقاليد الزواج في قبيلة "إداوسارن" بـ"إحاحان"


فـي بـلادنـا الـكثــير من العـادات والتـقـاليد المـختـلفة والمـتنـوعة وأغـلبـها مسـتمـدة من الثـقـافـة الأمـازيغـية، ومن بيـن هذه الـعـادات هنـاك ما يـخص الاحتـفـال بالزواج، فانـطلاقا من كونه حـصن حصين، و ركن متين، وأعرق المؤسسات الاجتماعية منذ وجود البشرية على وجه البسيطة، وجعل لحفظ الأعراض و الأنساب و لعمارة الأرض، فأسر "إحاحان" تحرص كل الحرص على الزواج المبكر سواء لدى الذكور أو الإناث.
تـخـتـلـف طـرق الاحـتـفـال بالـزواج في قبـائل"إحـاحـان" من قبــيلـة إلى أخـرى، لكــن مراسـم العـرس الأسـاسـية أو"تـامغـرا" تبقـى ثـابتـة وهـي الأصل السـائـد، والمتغير هو بعض الأبيـات الشعـرية والرقصات والموسيقـى المصاحبة للاحتفال، وكذا التنوع في المأكولات التي تقدم للضيوف.
فأين "إحـاحـان "من التاريخ؟ وما هو مجاله الجغرافي بين الأمس واليوم؟ وماهي تقاليد هذه المنطقة، وبالخصوص ما يتعلق بمراسيم الاحتفال ب "تامغرا" وخاصة في قبيلة "إداوسارن"؟


تعد قبائل "إحاحان" من قبائل "المصامدة" و من جملة شعوب البرانس⁽¹⁾، وتعرف عند المؤرخين باسم "حـاحـة" ، لكنها تعـرف لدى السكان الأصليين ب "إحاحان"، وهو اسم قديـم ضارب في أعمـاق التـاريـخ وذلك مـنـذ حتـى مـا قـبـل الإسـلام . تختلف حـدود "إحـاحـان"باختـلاف العـصـور، فـحسب المصادر القديمة فهي في الـقديـم منطـقة شـاسعة تمتد إلى مدينة"تـادنست"⁽²⁾ شرقا، وتتجـاوز دكـالة شمالا، وتمتد إلى "ســوس" جنوبـا، ومن الغرب يمتد السـاحـل المـتـمـيـز بخليــج ظـل المنـفذ الأسـاسـي نحو العـالم الخـارجـي⁽³⁾. وفـي القـرن 12م تقلص مـوطن "إحـاحـان" من الشمـال، وذلك بسبب دخــول قبــائل "بـنـو هـلال" العـربيـة إلـى المـنـطـقة بعد أن استقدمـهـم "يـعقـوب المنصـور" من "إفــريـقـية"⁽⁴⁾، تـدفـق هـؤلاء على المنطقة واختلطوا بالسكان الأصليين⁽⁵⁾، وهكذا تقلص موطن قبائل "إحاحان" .


موقع وحدود "إحاحان" أيام الدولة السعدية




من كتاب"وصف إفريقيا" ص94
في الوقت الراهن تقتصر قبـائل "إحـاحـان" علـى المنـطقـة المحصـورة بين مديـنة الصويـرة شـمـالا ومدينة أكادير جنوبا، ويتكون "إحاحان" من إثنا عشرة قبيلة وهي كالأتي:
◄المجال الشرقي الجبلي: إداوبوزيا- أيت زلطن- إداوزمزم- أيت عيسى
◄ مجال الوسط الهضبي: إنكنافن- إمكراض- إداوكازو- إداوتغما
◄ المجال الساحلي : إداوكرض- إداكيلول- أيت آمر- إداوسارن
من بين قبائل "إحاحان" هناك قبيلة "إداوسارن" ، وهي ثانـي أكبر القبائل"الحيحية" بعد قبيلة "إداوبـوزيا"، ويحدها من الشمال قبـيلة "إداوكرض"، من الجنـوب "إداكـيلـول"، ومن الشرق قبيلتي "إنكنـافن" و "إمكراض"، ويحدها غربا سـاحل المحيـط الأطلسـي ، ويتوسـط هذا الساحل ميناء "تافضنا" التاريخي، والذي زاره "الحسن الوزان" أو"ليون الإفريقي" سنة 1514م⁽⁶⁾، وتـوجد بهذه القبـيلة آبـار استخراج الملح في كل من "أزلا" و "إداويعزا"، وتضم أيـضا أقـدم صـومـعة أثـريـة فـي "إحـاحـان"، وهـي صومـعـة مسجد "سـيـدي بوســكـري"، والمنتسبون لهذه القبيلة يعرفون باسم "أيسار".
قبل التعرف على عادات الاحتفال بالزواج أو"تامغرا" حري بنا إعطاء تعريف للكلمة الأمازيغية "تامغرا"، فقد سمي هذا الحدث بهذا الاسم للدلالة على النداء و الاستدعاء أو الدعوة ، فهذه الكلمة جاءت من فعل "إغرا" أي نادى و استدعى ، ومن "تامغرا" جاءت كلمة "تاغريت"أي الزغردة.
يتم الاحتفال ب"تـامغرا" في قبـيلة "إداوسـارن" على مدار أربعة أيام وكل يوم منها تحمل إسمـا وهي:
◄ "آس ن تمغرا" :
في هذا اليوم يكون فيه الاحتفال في بيت العروس أو "تاسليـت"، ففي الصباح تقوم إحدى القريبات بدعوة كـل الأهل والأحباب لحضور العرس، ويقوم أب العروس بإسناد مهمة الإشهار لـ"أبراح ن تقبيلت"، وهو الذي يصيح في أزقة الدوار أو الدواوير المجاورة إعلانا بزواج فلان من فلانة، وبعد الزوال تتجه كل نساء الدوار صوب بيت العروس حاملات معهن "تازكاوت" من القمح، وهي قفة تحمل بخيوط تسع حوالي خمسة عشرة كيلوغرامات من القمح من كل بيت كمساعدة على متطلبات العرس، فيستقبلن بالترحاب من أم العروس، وتباشر النساء بتنقية القمح من الشوائب وبطحنه وغربلته ليصنعن منه "بركوكس"، كل هده المراحل صعبة إلا أن اجتماع كل نساء الدوار وتقسيم الأعمال يسهل المأمورية، ويسمى هذا عند الأمازيغ بـ "تيويسي" بمعنى التعاون من فعل "ييوس" أي تعاون. بعد ذلك تذبح الذبائح وعادة ما تكون بقرة أو أكثر حسب إمكانيات أهل العروس، ويكون الطبخ موكولا للرجال، والذين يقومون بطهو اللحم بالبصل والفواكه الجافة والتوابل في قدر كبير يسمى "تارفاكت"، بينما تقوم النساء بإعداد الخبز أو "أغروم ن أفارنو"، وتقوم أيضا بطهو بركوكس، وعندما يأتي وقت الغداء يكون الضيوف وقد تحلقوا حول الموائد، ويتناولون اللحم في صحون مزركشة تسمى "لمترد"، ويتناولون أيضا "بركوكس"والذي في وسطه "تزلافت" من السمن والعسل. وبعد الأكل واحتساء كؤوس الشاي تتجمع النساء وسط البيت بينما يعتلي الرجال سطحه المطل على الوسط وذلك لجمع "أكريس"، وهو رزمة من الهدايـا للعرس، ويتكون من ثوب أبيض والحناء والتمر واللوز وحذاءين ومجوهرات للزيـنة وملابس أخرى، وتحمل هذه الرزمة مع العروس عند توجهها إلى بيت زوجها. ونلاحظ أن العريس لا يحضر في هذا اليوم، إنما يبقي في بيته، وهذا هو التقليد المتبع لدى القبيلة.
◄ "آس ن أبراز" :
وفـي هذا اليوم تذهب العـروس إلـى بيت زوجها، وقبل ذلك تقـوم أم العـروس بإلبـاس ابنتهـا ثوبـا أبيض والذي يشد بـ "تيزرزاي"، ويغطى وجهها بـ "لقضيب" وهو ثور أحمر مزركش بالألوان، ويغطى رأسها ببقية الثوب الأبيض، ويوضع على جبهتها نبات "لحباق" والمعروف برائحته الزكية، وأثناء ألباس العروس تقوم النساء بإنشاد شعر غنائي وهو :
" نعام اينا ماد إيي تنيت" بمعنى نعم يا أم ماذا قلت لي ؟
" أورد نكي أيللي أيغران لرزاق أيغران" ليس أنا يا ابنتي من نادى الرزق هو المنادي.
وتقوم النساء أيضا بترديد "تاسوغانت" وهو شعر غنائي بلحن وكلمات حزينة وهو:
"أيللي أيللي واد أك أور تلات" ياابنتي ياابنتي لا تبكي.
"إسول أم بابام أولا إنام" لا يزال أبوك و أمك حيين.
"أيللي أيللي واد أك أور تلات"
"إسامح أم بابام ألا إنام" سامحك أبوك و أمك.

"أيللي أيللي واد أك أور تلات"
"أعيال للي ترضيت أكم يوين" الشاب الذي تريدينه هو الآن زوجك.
تخرج من بيت أهلها وتركب الفرس مع أخيها الصغير في موكب احتفالي مهيب، وتعلوا الزغاريد و الأغاني الموكب، ومن بين هذه الأغاني الأبيات الآتية:
"تكمي ن لجواد أس أيتلي أغراس"
"إغ لان لجواد إلينت تغوسوين"


بعد وصول موكب العروس إلى بيت العريس يستقبلون بالترحاب من قبل أهل العريس وضيوفهم، وتقوم أم العريس بتقديم التمر و الحليب للعروس.
يصـعـد العريــس إلى سطح البيت، ويقـوم يـرمـي التـمـر واللـوز علـى من جـاؤوا مع مـوكـب الـعـروس فــرحـا وابـتـهــاج بـحـضـورهــم ومــشـاركـتـهــم لـه فــرحـه ، ويـــتسـابـق الأطــفـال بـالــتـقـاط الـتـمـر و اللــوز فـي جـو مـن الـفـرح و الـسـرور ، وتـدخـل الـعـروس إلـى بـيـت الـزوجـيـة بـالـزغـاريــد و الـغــنـاء رفـقـت الأهــل و الأحـبـاب مـن الـنـسـاء ، ويــدخـلـون إلـى بـهـو كـبـيـر وتـجـلـس الـعـروس إلـى جـانـب عـريـسـها فـي آخـره فـي جـو احـتـفـالـي ، بـيـنـمـا يـجـتـمـع الـرجـال فـي وسـط الـبـيـت لـحـضـور "أحـواش إحـاحـان" والـذي يـسـمـى بـ"أهـياض"، ويـستـمر الاحتفال إلى وقت متأخر من الليل.
◄ "آس ن إسكي" :
تستكمل مراسيم الاحتفال بالزواج في هذا اليوم وذلك في بيت الزوجية، يجتمع الحـضـور في وسط البيت ، حيث يتم وضع صحن كبـير في الوسـط و يسمـى بـ "إسـكـي" ، ويـوضع فيه السـكـر و الحنـاء و السمـن و العسل واللوز و التمر والسـواك والكحـل ويغطـى ب "لقضـيـب" ، وبمـوازاة مع الـغــنــاء و "أحـواش" يصـطـف الحــضـور أمـام "إسكــي" للتـذوق من محـتويـاتـه من العسـل واللـوز والتمر مع وضع هـدايـا فيه ، وغالبـا ما تكـون هذه الهدايـا عبـارة عن نقود . بعد الأكل يتوجه الكل إلى العروسين لتهنئتهما ويباركوا لهما الزواج.
◄ "آس ن تركا" :
بعد مرور أسبـوع على الزواج تتوجه النسـاء من أهل العروس إلى بيت الزوجية، ويخرجن العروس ويذهبن بها إلى البئر، وفي الطريق تردد النساء هذا الشعر الغنائي :
"ماني غ تلا تركا ن ومان" أين توجد ساقية المياه .
"إنغا فاد تزمرين" فالخرفان عطشى .
وبعد الوصــول إلـى المكـان المنشـود تضـع النسـاء "قصـعة" بجـانب الـبـئـر ويملأنهـا بالمـاء ، ويضعن فـي وسـط "القـصعـة" صخرة ، وتضع العـروس رجلـها اليمنــى علـى تلك الصخـرة ، ويجتمع الأطفــال حول العروس فـتقـدم لهم العروس شربة ماء من يديها من الذي يوجد في"القصعة" الواحد تلوى الآخر ، وبعد ذلك تصنع النساء "لبسـيـس"، وهو عبـارة عن طحيـن ممـزوج بالسمن والعسـل ويتم توزيعه علـى هؤلاء الأطفـال ، وبعد هذا تقوم العروس بحمل الصخرة السابقة فوق ظهرها ذاهبة بها إلى بيت زوجها، وتقوم بوضعها تحت سريرهـا، وتبقى هناك إلـى أن تلد أول مولـود وبعد ذلك تقـوم برميها، وهذه الطقس يعبر عن التبرك بتلك الصخرة لتكون سببا لجلب الأولاد.











باختصار شديد هذه هي بعض طقوس ومراسيم الاحتفال بالزواج بقبيلة "إداوسارن" الحيحية ، وما نلاحظه فيمـا سبق كثرة الطقـوس، بعضهـا يسبق الزواج وأخـرى أثنـاءه والبعض الآخر بعـده، وهذه إن يعـبر عن شيء فهـو يعبـرعن مدى قداسة هذا الربـاط لدى ساكنة قبـائل "إحـاحـان" ولدى الأمـازيغ بشكل عـام. هذا التقلـيـد يعبر عن الغنـى الثقـافي لمورثنـا بـاعتبـار تقـاليد الاحتفال بهذا الربـاط المقدس مظهر من مظـاهر هذا الغنـى. لكن مع الأسف الشديد فـإن هذه العـادات في طريقهـا للاندثـار إن لم نقـل قد اندثرت، فأغـلب الأسر في الوقت الـراهن تتجه إلـى الطـرق العصريـة الدخيـلة للاحتفـال بالزواج ، وهذا من شأنه عن يجعل كل هذه العـادات تصبح في خبر كان، وراكنة في زاوية النسيـان، وسوف لن يذكرهـا بعد ذلك أي إنسان .


⁽¹⁾ ابن خلدون: مقدمة ابن خلدون، مراجعة سهيل زكار، دار الفكر للطباعة والنشر، ط1، بيروت، 1981 ، ج 6، ص 299.
⁽²⁾ تدنست: أنظر وصف إفريقيا للحسن الوزان، دار الغرب الإسلامي، ط2، بيروت، 1983، ج1، ص 98.
⁽³⁾ المصدر نفسه، ص 94.
⁽⁴⁾ أحمد بن خالد الناصري: الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1954، ج 2، ص151.
⁽⁵⁾ الحسن الوزان: المصدر السابق، ص 52.
⁽⁶⁾ المصدر نفسه، ص128- 129.
* أما فيما يخص بالعرس الحيحي كان الاعتماد على رواية أشخاص من المنطقة وهم :
- السيدة خديجة أمرير، 58 سنة، أورير، الثلاثاء 27/03/2012.
- السيدة فاطمة إزكي، 82 سنة، أورير، السبت 31/03/2012.


من إنجاز الطالب:
- حفيظ أشتكاح
HAFID ACHTAKKAH


الجمعة، 8 مارس 2019

اكتشاف غير مسبوق لنقوش صخرية بمنطقة اورتي اوفلاح تتحدث عن علم الفلك القديم..



 اكتشاف غير مسبوق لنقوش صخرية بمنطقة اورتي اوفلاح  
تتحدث عن علم الفلك القديم..


خالد آيت ناصر-المغرب

اكتشف باحثون مغاربة نقوشا صخرية تعد الأولى من نوعها في الدول العربية وأفريقيا بمنطقة أورتي فلاح جنوب مدينة الصويرة في قرية اسمها "إدا أوكازو"، وهي تتحدث عن علم الفلك القديم، مما يدل على أن الأمازيغ القدماء بالمغرب كانوا يهتمون بعلم الفلك.

وبدأ فريق البحث المشرف على الاكتشاف في بداية هذه السنة إجراء تحاليل علمية على هذه الأحجار المنقوشة في مختبر البلورات والنيازك بجامعة ابن زهر جنوب المغرب، ونشرت نتائج الاكتشاف في المجلة العلمية العالمية لأخبار الشهب (Meteor News) التي تشرف عليها المنظمة العالمية للشهب في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
ويوضح قائد فريق البحث عبد الرحمن أبهي سياق هذا الاكتشاف في تصريح خاص للجزيرة نت قائلا إن "الاكتشاف جاء في إطار مؤتمر علمي حول الثقافة العلمية في المغرب الذي عقد بمدينة الصويرة أواخر عام 2017، وهناك عرض علي شيخ من سكان المناطق المجاورة للمدينة أن بحوزته صخورا منقوشة توحي بأن الحجارة تسقط من السماء، لكن لا يعرف على ماذا تدل".



وتتكون هذه الأحجار من ثلاث صخور منقوشة أطلق عليها "Ida1" و"Ida2" و"Ida3" نسبة لاسم المنطقة التي اكتشفت فيها وهي منطقة "إدا أوكازو" (Ida Oukazzou) بمدينة الصويرة.

وتنتمي هذه الصخور إلى فئة الأحجار المنقوشة المتنقلة التي يمكن نقلها إلى مختبرات علمية لإجراء أبحاث علمية عليها وفق قانون وزارة الثقافة التي تعتبر هذا النوع من الأحجار بمثابة تراث لا يمكن بيعه ولا يسمح بالتصرف فيه أو تغيير أحد ملامحه.

ووفقا لمقال نشره أبهي الخبير في علم النيازك والبلورات بالمجلة العلمية العالمية للشهب، فإن طول الصخرة المنقوشة "Ida1" يبلغ عشرين سنتمترا وعرضها 17 سنتمترا وسمكها خمسة سنتمترات، أما الصخرة المنقوشة "Ida2" فيبلغ طولها 18 سنتمترا وعرضها 15 سنتمترا وسمكها خمسة سنتمترات، أما الصخرة المنقوشة "Ida3" فيبلغ طولها 35 سنتمترا وعرضها 27 سنتمترا وسمكها 12 سنتمترا.


أبهي يشرح للجزيرة نت أهمية هذا الاكتشاف (الجزيرة)


فريق بحث متنوع التخصصات
ويتكون فريق البحث الذي يشتغل على هذه النقوش الصخرية من باحثين في علم الأركيولوجيا يهتمون بالنقوش الصخرية، وباحثين في علم الخطوط، خاصة خطوط تيفناغ الأمازيغية، وباحثين في علم الجيولوجيا، وباحثين في علم الفلك لدى الإنسان القديم.

ويتعلق الأمر بكل من أبهي قائد فريق البحث أستاذ علم النيازك بجامعة ابن زهر، وفؤاد خيري الباحث في مختبر البلورات والنيازك بجامعة ابن زهر، ولحسن أوكنين باحث بالدكتوراه في علم النيازك بجامعة ابن زهر، بالإضافة إلى المحفوظ أسمهاري الباحث بالمعهد الملكي للغة الأمازيغيةبالرباط، وعبد الخالق لمجيدي عضو المكتب الوطني للجمعية المغربية للنقوش الصخرية (غير حكومية).

وينسق فريق البحث بالمغرب مع المنظمة العالمية للشهب التي أوصت بالاهتمام بهذه النقوش الصخرية، وأكدت أن الأبحاث فيها سوف تستغرق أكثر من عشر سنوات لأنها تحتاج إلى دراسات عميقة ومتنوعة المجالات.

ويقول أبهي المشرف على المتحف الجامعي للنيازك في أكادير "سنستعين بباحثين من تونس من أجل تحديد الزمن الجيولوجي لهذه النقوش الصخرية، لأننا لأول مرة نقوم بإنجاز بحث في مجال تحديد الزمن الجيولوجي للصخور من هذا النوع، وقد يتطلب الأمر الاشتغال مع باحثين إيطاليين وإسبانيين وباحثين من روسيا".

وأضاف "نحن الآن في إطار إجراء الاتصالات مع هؤلاء الباحثين لمعرفة من بإمكانه تقديم المساعدة، لكون هذه البحوث باهظة الثمن، ولذلك نبحث عمن يجري هذه التحاليل بثمن مناسب أو عن طريق شراكة علمية".





اكتشاف ذو قيمة علمية مهمة
ويوضح أبهي في حديثه للجزيرة نت أن "ما يبين الإضافة النوعية لهذا الاكتشاف أن المجال الذي يصنف فيه هو علم الأركيولوجيا، وهو غير موجود في الدول العربية والأفريقية"، معتبرا أن هذه الدراسة "ستكون بادرة خير وبمثابة اللبنة الأولى لترسيخ هذا العلم في الدول العربية وأفريقيا".

وأضاف أنه إلى الآن ليست هناك أي ورقة علمية في هذا المجال "ولهذا نؤكد أن هذه الدراسة ستكون الأولى من نوعها، والمنظمة العالمية للشهب دعت الباحثين العرب إلى الالتفاف حول هذا العلم في الدول العربية والأفريقية".

وأشار إلى أن لهذا الاكتشاف ميزة مهمة لأنه يجمع بين علم الفلك القديم لدى الإنسان القديم، وعلم الخطوط المرتبط بالأمازيغية (تيفناغ) بالكتابة القديمة للأمازيغ "وهذا ما يعطي لهذا الاكتشاف ميزة كبرى، ونحن في جامعة ابن زهر نسعى لتكوين فريق من الباحثين يهتم بهذا العلم".

من جهته، أكد عبد المجيد مصدق نائب رئيس جامعة ابن زهر المكلف بالبحث العلمي في تصريح للجزيرة نت أن "البحث العلمي عندما يكون فيه عدد من الشركاء فإن قيمته العلمية تكون كبيرة، لأن النظرة الشمولية التي تخضع للفحص من طرف تخصصات متكاملة ومحددة تجعل الدراسة العلمية أكثر صوابا".

وكشف أوكنين تجليات القيمة العلمية لهذه النقوش قائلا "هذه الصخور توثق لسقوط نيزك، وهذا مؤشر يدل على وجود فوهة نيزكية بالقرب من مكان اكتشاف هذه الصخور المنقوشة".





تحديات كبيرة
واجه فريق البحث مجموعة من التحديات خلال اكتشاف هذه الصخور وأثناء إجراء التحاليل في المختبر للكشف عن نتائج هذا الاكتشاف.

وفي هذا الصدد، يقول خيري إن أول هذه التحديات يتمثل في كون الصخور المكتشفة عددها ثلاثة، مما يطرح مشكلة تحديد مصدرها والعلاقة فيما بينها، ثانيا عدم وجودها بالعالم العربي والأفريقي، فهي غير مسبوقة، وهذا يطرح مشكلة تأريخها في غياب التأريخ النسبي لها، مما يضطرنا إلى الاعتماد على التأريخ المطلق، خصوصا بالنسبة للقشرة الكلسية التي تغطي هذه النقوش الصخرية، وثالثا هناك تحد متعلق بالكتابة الأمازيغية التي تظهر على سطح الصخرة "Ida3"، وهي حروف قديمة جدا لم تعد تستعمل حاليا.

ويضيف خيري أنه بالإضافة إلى ذلك "واجهنا مشكلة كبيرة وهي تكتم سكان المنطقة التي اكتشفنا فيها الصخور المنقوشة حول مصدرها، وهذا ما يجعلنا نحصل على المعلومات بصعوبة كبيرة".





آفاق بحث واعدة
وجوابا على سؤال عن آفاق البحث في هذا الاكتشاف، قال أبهي "أولا يجب أن نقوم بإنشاء مختبر خاص بهذا النوع من البحث العلمي لأنه غير موجود بالمغرب، وسنحاول إنشاء فريق مغربي ومنه ننطلق في تأسيس شبكة عالمية تتضمن علماء من أوروبا ومن الدول العربية لنحاول التأكد هل هذه الصخور موجودة في العالم العربي والأفريقي، لأننا لحد الآن من خلال بحثنا لم نجد لها وجود فيهما".

وأكد أنهم سيكثفون بحثهم مع شركاء لإجراء تحاليل خارج المغرب، وهي تحاليل دقيقة جدا، خاصة ما يتعلق بمعرفة عمر هذه الصخور التي ستعزز مجموعة مهمة من النيازك في المتحف الجامعي للنيازك الأول في الدول العربية وأفريقيا بمدينة أكادير.

وختم لمجيدي في حديثه للجزيرة نت بالقول "أردنا من خلال نشر خبر هذا الاكتشاف في المجلة العلمية العالمية للشهب تحفيز جميع التخصصات التي ترى أنها ممكن أن تدلي بدلوها في هذا المجال لتكوين فريق متعدد التخصصات للوقوف على نتيجة مهمة لهذا الاكتشاف، وبالتالي لا يجب أن تبقى هذه الصخور المنقوشة على الرفوف فقط".


المأكولات الأكثر شهرة في إحاحان


المأكولات الأكثر شهرة في إحاحان


كماهو معلوم فكل منطقة لها طقوسها وتقاليدها المتبعة في مختلف جوانب الحياة تعبر هده التقاليد عن البعد الحضاري والموروث الثقافي الدي يميز المنطقة فقبيلة احاحان لها تقاليد متنوعة تعبر عن تراث وهوية الحاحيين ،وقد اخترنا الحديث في هدا العرض عن عادات الأكل لما لها من خصوصيات محلية متنوعة .

يعتمد سكان قبيلة احاحان على خبز الشعير في وجباتم الغدائية الثلاثة (لفضور.امكلي .امنسي).هدا الخبز يشبه الرغيف يعجن بلا خميرة وينضج على مقلاة من الفخارتوضع فوق تلاث أحجارفي مكان داخل المطبخ تسمى باللغة المحلية(أنكيون) ، يؤكل هداالخبز في الفطورمع زيت الزيتون وزيت اركان أو الزبدة حيث يتم وضع هدا الخبز على مقلاة وتجعل في وسطه حفرة تملأبزيت الزيتون أو الزبدة المدابة .تسمى هده الطريقة ب (الرفيسة).
كما تعود الحاحيون في الصباح الباكر قبل الفطور أن يشربوا حساءا من دقيق الشعير أو دقيق القمح .ويهيئ هدا الحساء من طرف الجدة بطريقة بسيطة وسريعة كالتالي "يغلى الماء في قدر(تيكينت)ويوضع فيها دقيق الشعير أودقيق القمح ويحرك بقضيب حتى ينضج ثم يصب في أواني صغيرة و مجوفة وأحيانا في طبق واحد تجتمع عليه كل الأسرة لتناوله بمعالق صغيرة (تاغنجاوت) مصنوعة من العرعار.
وهناك طعام آخر يِؤكل في الفطور يسمى( توميت) يحضر من دقيق الشعيرالدي تعده النساء قبل وقت الحصاد بثلاثين أو عشرين يوما يسمى( أزنبو)، ويمزج مع القليل من الماء حتى يصبح كالعجين فيؤكل مع الشاي .
أما وجبة الغداء يأكل فيها الحاحيون لحم الماعز المطهو مع البصل و الفول ومع بعض الخضر كالبطاطس والجزر في فصل الشتاء و اليقطين (تاخسايت) خلال فصل الصيف .
وهناك طعام العصيدة (تاغلا) الدي يحضر بنفس طريقة تحضير الحساء ،وعندما ينضج يوضع في طبق مجوف حيث تجتمع عليه الأسرة كاملة ثم تصنع في وسطها حفرة تملأ بزيت أركان أو زيت الزيتون فتؤكل بالأيادي دون معالق لأنهم يعتقدون أن الأكل بالأيدي يجعل البركة و اللدة في الطعام .
أما الكسكس فيحضر من دقيق الشعير(ابرين ) أودقيق الدرة (أبداز) يحول الى حبيبات في حجم الكزبيرة ،وينضج في قدردو ثقوب (الكسكاس) تسمح بنفود بخار الماء من القدر ،ثم يمزج هدا الدقيق بعد نضجه بزيت اركان او( السمن ) ويسقى بالمرق .
فضلا عن طعام (البيصرة - تالخشة) الدي يؤكل غالبا في فصل الشتاء حيث يرى سكان المنطقة أنه مساعد على تحمل البرد ،ويحضر هدا الطعام من الفول بالطريقة التالية :يوضع الماء والفول مع بعض التوابل في القدر مثل الكامون والفلفل الأحمر والملح،ثم يحرك بملعقة (أغنجة) ثم يوضع في طبق وتجتمع عليه العائلة كالعادة فيأكلونها مع خبز الشعير .
وفيما يتعلق بالمشروبات فتتكون من الماء والشاي واللبن .أما الفواكه فيتم تناولها بعد وجبة الغداء وهي فواكه موسمية كالعنب والبطيخ الأحمر والليمون والتفاح والمشمش .
اضافة الى أن هناك وجبة أخرى خلال فصل الصيف تكون بعد العصر (أتاي لعاصر) تتكون عادة من الشاي والخبز وبعض الحلويات والعسل والزيت .
ويأكل الحاحيون طعامم على موائد منحدرة وصغيرة ويجلسون على حصائر مفتوة من نبات الأسل (أغرتيل) ومنها المصنوع من جلد الغنم والماعز(أهيضور).

تمرد قبائل إحاحان على السلطة المخزنية




تمرد قبائل إحاحان على السلطة المخزنية


استمر تمرد قبائل إحاحان بعد وفاة القائد عبد الله اوبيهي مدة قاربت خمس سنين . و عجز المخزن المركزي من فرض سلطته و إخضاع القبائل المتمردة و من المؤكد أن الانتهاكات الأجنبية شكلت سببا من أسباب عدم استقرار الأوضاع في البادية كما تسبب أداء فرض المكوس عند أبواب الصويرة استياءا كبيراً لدى سكان البوادي و خلال ستينيات القرن التاسع عشر زادت حدة الجفاف و شدة الحاجة و كانت قبائل إحاحان في ذلك الوقت خاضعة لسيطرت القائد محمد اوبهي الذي تولى القيادة بعد وفاة والده سنة 1868 . وقد تزعم خليفة عبد الله اوبيهي في البداية تمردا نهب فيه معقل آل اوبهي الموجود في ازغار . و لكن استعاد محمد اوبيهي سيطرته على الوضع لكن سلتطته واجهت تحديا جديدا حين قاد الحسن اوتاكازرين تمردا في ايت تامر الواقعة شمال أكادير و هدد أهل ادوتنان بالانضمام إلى المتمردين ، و مندئد صارت نواحي الصويرة تعيش حالة مستمرة من الفوضى وعم الاستياء و قطاع الطرق كل الاقاليم الجنوبية ، و أمر السلطان قائد إحاحان بإعادة السيطرة على الوضع ، لكنه لم يستطيع
وفي ربيع سنة 1781 انفجر التمرد الذي كان يجيش في قبائل إحاحان ليتحول الى انتفاضة عارمة و انظمت قبيلة امتوگة إلى المنتفضين فدمر ازغار تدميرا شاملا . وما لبثت مدينة الصويرة ذاتها أن أصبحت مهددة بتلك الانتفاضة. اذ حل بالمدينة حشد من الحاحيين في اوئل يونيو وهددوا بقطع الماء عن المدينة لو لم يطلق سراح اقاريبهم المودعين سجنها وقد استجابت السلطات المخزنية لطلبهم فسرح السجناء الذين لا شك أن اغلبهم حبس بسبب الديون التي في ذمته لأجانب و المحميين ، وبسبب النقص في عدد العساكر عجز قائد الصويرة عن مواجهة حشود الأهالي الذين ملأوا المدينة.
وبعد أسابيع قليلة دخلت الصويرة بعثة من مائة رجل من قبائل إحاحان و ذبحوا ثلاث ثيران أمام ممثلي السلطات المخزنية ثم اعلنوا ولائهم للسلطان كما طمأنوا تجار المدينة ووعدوهم بظمان الحماية لممتلكاتهم وسلعهم أثناء عبورها أراضي إحاحان لكنهم الحوا في الوقت نفسه على ضرورة تحريرهم من الاستمرار في الخضوع لسلطة القائد محمد اوبهي.


و هناك أسباب كثيرة دفعت بالمخزن إلى أن يجعل فرض مراقبته على إحاحان من أولى اولوياته فمن جهة ترتبط سلامة الصويرة و ازدهارها بسيادة الأمن و السكينة في منطقة إحاحان ومن جهة ثانية تيسر مراقبة المخزن المركزي الأوضاع في سوس. وفضلا عن هذا و ذاك كان المخزن في حاجة ماسة إلى تحصيل الضرائب سواء في إحاحان نفسها أو في المناطق المحيطة بها . وقد تبين للمخزن أن القائد محمد اوبيهي غير قادر عن تسيير شؤون إحاحان بالإضافة إلى توصل السلطان إلى أخبار تتحدث عن استحواد القائد اوبهي على اموال المخزن و احتمال مساهمته في تحوليها للمنشقين في الجنوب فقرر ابعاده عن الخدمة نهائياً . وعاد الهدوء ولو مؤقتا للمنطقة و قد رغب المخزن المركزي في أن يقيم تحالفات جديدة و أن يخدم أغراضه بإثارة هذا الطرف على غيره خاصة وأن منطقة إحاحان تحتوي على 12 قبيلة يبدو أن كل منها كانت تحكم نفسها بالانصياع إلى أحد زعمائها المحليين . وقد تطلب الأمر عدة سنوات قبل أن يحكم المخزن قبضته على المنطقة وفي غضون ذلك تعرضت مدينة الصويرة إلى التهديد مرارا و تكرارا .


ولم يكون تعيين قائد مخزني جديد هو محمد بن الطاهر الدوبلالي سوى بديل مؤقت اذ استمرت الاضطرابات في المنطقة الممتدة شمال أكادير ، و لما تكررت حالات قطع الطرق و محاصرة اتباع اوتكازرين استدعى المخزن النجدات العسكرية من سوس و الصويرة.
و امتدت اثار الفوضى العامة في احاحان الى قلب مدينة الصويرة ذاتها ففي مارس 1872 اندلعت اضطرابات اثناء الاحتفال بعاشوراء في المدينة وترددت اخبار وصول حشود من أهل البادية الى المدينة فاقتحموا الدور و شتموا اليهود، و قد عجز القائد عن تدارك الموقف و بقي رماة المدينة وحراسها مكتوفي الأيدي أمام قوة العراك و صخبه و في سنة 1873 بدى واضحا أن الوضع في إحاحان في أمس الحاجة إلى الاستقرار، وقد شرع الخليفة سيدي الحسن في القيام ب حركات نشيطة في إحاحان قصد تسوية الخلافات، ثم عين المخزن عبد المالك اوبهي قائدا جديدا على إحاحان.
ولما توفي السلطان سيدي عبد الرحمن بمراكش 1873 و كان ابنه انذاك معسكرا ب ابي رقي بأراضي إحاحان و هناك بايعه كبراء القبائل و عاد إلى مراكش ليخلف والده على سدة الحكم . وقد وعد السلطان الجديد بتنصيب رؤساء احاحان الكبار قيادا قبل عودته لمراكش . لكن في يوم 15 اكتوبر اندلعت الثورة من جديد في ادوگرض نتيجة لقرار السلطان الجديد الذي يقتضي بتقسيم إحاحان بين أربعة شيوخ هم :
-عبد المالك اوبهي
انفلوس
اوتكازارين
و بوالعشرات
فدخل القواد الاربعة مدينة الصويرة وعندما وصل خبر التعينات الى قبائل إحاحان اصبحت المدينة مهددة بالوقوع تحت الحصار.
فأرتفع عدد المتمردين سريعاً فحاصرو المدينة. وغادر انفلوس و اتگازارين المدينة ليعودا إلى سكناهما في البادية ثم استمرت الاضطرابات عدة أيام قبل أن تتمكن سلطات المدينة من إقرار الامن و الهدوء .
و ادت سياسة تقليد كبار الشخصيات من أهل البوادي مهام السلطة إلى ظهور زعماء جدد مناوئين للمخزن , و يعتبر مبارك انفلوس اكبر قوة مهيمنة في المنطقة اذ سريعا ما انضوى جميع الحاحيين تحت سلتطه , في حين خضع للقواد الآخرين عدد أقل من الاتباع ، وتوفي بوالعشرات في نهاية العام نفسه،
و لما سجن عبد المالك اوبهي بعد الاهالي بعد تنصيبيه قائدا هدده انفلوس بمحاصرة المدينة (الصويرة ) وبعد اسبوعين توصلا القائدين الى نوع من التسوية بينهما .
وفي سنة 1875 بدأ انفلوس يتعسف في ممارسة سلتطه على اراضي تدخل في نطاق اخصاصات اوتكازرين. و تكاثرت المطالب و الاتهامات المتبادلة بين انفلوس و اوتكازرين خلال سنة 1877 في شأن سرقة الجمال و قطعان الماشية و الأسلحة النارية .


و كخلاصة القول فقد كان التمرد الذي حصل في إحاحان رد فعل على ما كان السكان يعيشونه من فقر مدقع تحت وطأة الضرائب الثقيلة و كان احتجاجا على الدولة و نظامها السياسي الجديد الذي حاولت فرضه . ثم إن تمرد الحاحيين هذا يعكس موجة شديدة من الانتفاضات المعبرة عن القلق و الاستياء اللذين عما الاوساط الاجتماعية في المغرب خلال القرن التاسع عشر ميلادي.


اصل تسمية- احاحان-دراسةتاريخية



اصل تسمية- احاحان-دراسةتاريخية





تعد قبيلة احاحان في عرف الدارسين لتاريخ المنطقة جزءا من قبائل مصمودة الكبرى وهم شعب امازيغي عريق نسبة الى جدهم الاعلى مصمود بن برنس ابي شعوب البرانس الامازيغييين .ويمتد مجالها الجغرافي من جبال الريف شمالا الى واد درعة جنوبا في حدود اتحاد قبائل صنهاجة الصحراوية
واحاحان اتحاد قبلي امازيغي مصمودي الاصل كما دكرنا وادا بحثنا في اصل التسمية وهدا هو موضوعنا فسنجد عدة تاويلات ولايمكننا التاكيد على اي منها لان الاسم ضارب في عمق التاريخ ويرجع اصله الى اكثر من 3000 سنة وانما سندكرهافقط للتعرف عليها وهي
**الاصل المكاني ==اسم احاحان ليس اسم القبيلة وانما اسم المنطقة التي سكنها هدا التجمع القبلي وسمي بحاحا من طرف سكان الجبال لكونه يطل على الساحل ومنطقة الهضاب تسمى عندهم ب –حاحا-
**الاصل السوسيولوجي ==اسم احاحان هو اسم اطلقه الملوك على ساكنة المنطقة لاسباب مختلفة منها انهم كانومعروفيين بالحيحة او تحياحت في رحلات القنص والصيد وكانو ماهرين في دلك
واطلق الاسم عليهم ربما لكونهم لا يهدؤون من التمرد والاحتجاج والحاحيحة على كل من يريد السيطرة على المنطقة فكانو يعرفون بشجاعنهم في الحروب وعزتهم ورفضهم الخضوع لاي حكم استبدادي
** الاصل اللساني ==وقبل التفصيل فيه اود ان ادكر ان(( حدود منطقة احاحان تختلف باختلاف العصور وكان تمتد قديما الى حدود وادي درعة جنوبا بما فيه منطقة سوس)) اصل اسم احاحان يرجع الى كونهم كانو ينطقون بحرف الحاء كثيرا في لسانهم الامازيغي بدل حرفي الخاء والغين فمثلا بدلا من –نيغ –او –نيخ -ينطقونها ب –نيح- فتيح –اوشكيحد –موناح ديس -.......الخ وهو النطق السائد حاليا بغرب منطقة سوس بعد كانت هده اللكنة تسود منطقة احاحان كلية من درعة جنوبا الى موكادور شمالا على طول الساحل
**الاصل الفولكلوري ان صح التعبير عن هده الكلمة وهو اسم يطلق على احواش المنطقة لكونه يقتصر على الصياح ونغمات العواد وايلونا عوض انشاد قصائد واهازيج امازيغية كما هو السائد في باقي المناطق
وبعض دكر مختلف هده الاصول ينبغي القول انه لايمكن ترجيح اي اصل دون غيره لان كما دكرنانظر لاقدمية الاسم
وفي الاخير اود ان اشير الى كل من ينعتني ينعتني بالمستعرب او المدافع عن =العربوش= كما يقولون انني اعتز بانتمائي القبيلة احاحان ولن ارضا ابدا ان يسخر احد من قبيلة احاحان ومنطقتها واقول لهم انني عضو فاعل في تنسيقية احاحان مند اول يوم من تاسيسها وابتعادي عنهاا فترة من الزمن انما هو بسبب هولاء الدين يركبون على النضال الامازيغي لاهداف شخصية ولا تهمهم مصلحة المنطقة ابدا
وتحية نضالية لكل مناضل حقيقي في حركة الثقافية الامازيغية
المصادر المعتمدة (بتصرف)
--بحث حول تاريخ احاحان للاستاد المرحوم حسن ابقس
--بحث اكاديمي للاستاد عبد الرحيم بوفنزي
-الموقع الاكتروني للباحث والدكتور ورفيق الدرب الاستاد سي محمد اوبيهي
-مقدمة ابن خلدون –الجزء الثاني-دارالنشر المورد-1991طبعة
-المتعة والراحة في تراجم اعلام حاحا للدكتورابراهيم التامري-مطبعة النجاح الدار البيضاء -1992




المصدر

ردود فعل ساكنة حاحا تجاه الأزمات المناخية


ردود فعل ساكنة حاحا تجاه الأزمات المناخية


مــقـــــــدمــــــة :
يعتبر علم المناخ من العلوم الحديثة التي اهتم بها الإنسان بصفة عامة، واقتحمها المؤرخ بصفة خاصة، فرغم صعوبة تحديد هذا النوع من العلوم لا من حيث التعريف ولا من حيث الفترة الزمنية التي يغطيها، إلا أن له مكانة مهمة في التحليل العلمي الرصين للحوادث التاريخية. فأضاف الشيء الكثير لعلم التاريخ وفتح أبوابا جديدة للباحثين في التاريخ، فالمناخ كما جاء في التعريفات المتداولة هو:"مجموع حالات الجو فوق مكان معين في تسلسلها الزمني الاعتيادي"، فهو إذن مجموع الظواهر الميتيورولوجية التي تميز الحالة المتوسطة.
إن أصل علم المناخ climatologie لغويا، يرجع إلى الكلمة الإغريقية" klima"، وتعني مائل logie تعني علم، ومن هنا فالمناخ يهتم بدراسة كل الأحوال الجوية التي تميز منطقة معينة لفترة زمنية طويلة، دراسة عليمة يستفيد منها الإنسان للتعرف على المناخات القديمة والحالة التي كانت عليها الكرة الأرضية منذ ظهورها.
لقد اهتم الإنسان منذ القديم بالظواهر الجوية لما لها من تأثير مباشر أو غير مباشر على حياته وعلى جل أنشطته الحيوية. فمن هذا المدخل جاء دور المؤرخ لكشف بعض اللبس عن كيفية تأثير المناخ على الإنسان وخاصة ونحن نتحدث عن تدخل المناخ في الموارد المائية، والأهمية الكبيرة التي تشغلها هذه الموارد في الحياة.
ومن منطلقنا كباحثين في التاريخ نتبنى منهجية جديدة تروم الاعتماد على جل العلوم التي من شأنها أن تفيدنا بمعلومات مضبوطة وقابلة للتحليل والتمحيص، ارتأينا السير على هذا المنوال لعلنا نجيب على مجموعة من التساؤلات التي شغلت بالنا منذ تعرفنا على هذا العلم وأسسه الأولية، محاولين تطبيقه على مجال عيشنا أو منطقتنا "حاحا" آملين أن نضيف ولو الشيء القليل للتعريف بالمناخ السائد في المنطقة، وكيفية تأقلم الساكنة مع الخصاص الكبير في الموارد المائية، وكذلك المناخ الجاف الذي يسود في هذا المجال.
قيمة هذا البحث تنطلق من منهجية توثق للعناصر الطبيعية ، لمنطقة حاحا وردود فعل الساكنة للتكيف ، من خلال رصد العلاقة بين الأركان والمناخ خصوصا مع عدم التكافؤ بين الموارد الطبيعية وحاجيات الساكنة المحلية .

أسباب اختيار الموضوع :
إن اختيار الموضوع جاء نتيجة وعينا بأهميته الموضوعية .
فبالإضافة إلى الانتماء إلى منطقة حاحا ، والبحث عن الوسائل للدفع بعجلة التقدم في المنطقة، فنجد أيضا جانب مهم يتعلق بحساسية الموضوع خصوصا أمام الفشل في مواجهة الطبيعة، والاعتماد على اقتصاد مضطرب يعتمد على التساقطات المطرية الغير المنتظمة، وانتظار كرم الطبيعة، رغم ما تتوفر عليه المنطقة من غطاء نباتي يمكن أن يكون في بعض الأحيان الملاذ الوحيد لعيش الساكنة، فغابة الأركان لعبت ولازالت تلعب دورا حساسا في الرفع من التنمية الاجتماعية للمنطقة، وخاصة بتنوع استعمالاته وبالمكانة التي أصبح يتمتع بها على المستوى العالمي، ومن هنا سنحاول التعريف بهذا النوع من الغطاء النباتي وسنركز على أدواره ومكانته في المجتمع الحاحي.
أهداف البحث:
إن الهدف من البحث يتجلى في استبصار التراث الطبيعي للمنطقة الذي يشكل هويتها خصوصا أن هذه الأخيرة تتعرض لتغيرات مستمرة، وهذا البحث رؤية تفتح عيونا مستقبلية لفهم المناخ وتأثيره في المجال، وتحاول الإجابة على مجموعة من الأسئلة من قبيل:
ما هو المجال التي تغطيه منطقة حاحا؟ وبماذا يتميز هذا المجال من حيث المناخ؟ وما مدى تأثير التغيرات المناخية على ساكنة المنطقة؟ وكيف يتأقلم معها الإنسان الحاحي ؟

المحور الأول: المعطيات الطبيعية والبشرية:
أولا: المعطيات الطبيعية:
1- المجال:
ذهب جل كتاب الحوليات الذين اهتموا بتاريخ الأسر المغربية الحاكمة إلى أن إنشاء مدينة الصويرة الجديدة انطلاقا من لا شيء، كان من الأعمال الكبرى التي حققها سيدي محمد بن عبد الله ، ويمكن اعتبار قرار السلطان قرارا جريئا لا يخلو من مجازفة، فالأماكن المحيطة مباشرة بالموقع الذي اختاره كانت عديمة الخصوبة ، وفي اتجاه الجنوب تهب رياح شبه دائمة تنقل الرمال من مواضعها فتصبح الزراعة على درجة كبيرة من الصعوبة، وكانت قرية "الديابات " الصغيرة والمقفرة ، والواقعة مباشرة جنوب موقع الصويرة على واد أقصاب ، هي المكان المأهول الوحيد في المنطقة ، وكانت حاحا منطقة داخلية تقع جنوب الصويرة ،وتحتوي على قرى قليلة يعيش سكانها باستمرار في مساكن جماعية أو في داوير صغيرة ، بمعزل عن أمثالهم عن القبائل ، وفي هذا اختلاف بسيط عما هو معروف وسائد في جل أنحاء المغرب ، حيث تنبت القرى والدواوير في كل البوادي والأحواز .


صورة تبين حدود قبائل حاحا


اظغط هنا لتشاهد الصورة بحجمها الطبيعي


اختلفت حدود بلاد حاحة باختلاف العصور، فهي في القديم تطلق على منطقة شاسعة تمتد كما في كتب التاريخ كالعبر والاستقصا إلى بلدة تادنست من جهة القبلة، وتجاور دكالة غربا وتمتد بسيطا إلى السوس ومن ناحية الغرب يمتد الساحل المتميز بخليج الظل المنفذ الرئيسي نحو العالم الخارجي طوال ثلاثة آلاف سنة: حيث أسس أمراء قبائل حاحة قلعة الصويرة وقلعة أكادير مند ما قبل الإسلام ، ويقول مارمول كاربخال في كتابه "افريقيا": "إقليم حاحا هو الجزء الواقع في أقصى غرب مملكة مراكش، ولذلك فهو أول ما سنصفه، حيث ان ترتيبها يمتد من الغرب إلى الشرق. هذا الإقليم يحتل جميع رأس الأطلس الكبير، الذي يسميه الأفارقة تبقال، ويحده من الغرب والشمال المحيط ومن الجنوب جبال الأطلس الكبير المتاخمة لإقليم سوس ومن الشرق نهر أسيف المال، الذي يفضله عن إقليم مراكش ينبع هذا النهر من جبل هنتاتة، ثم يسيل في السهل إلى أن يلتقي بنهر تانسيفت، الذي يفصل هذا الإقليم عن إقليم دكالة. وتوجد في هذه المساحة كلها جبال عظيمة وعرة شاهقة جدا، وصخور مغطاة بالأشجار تنبع فيها جداول تسقى بها أودية صغيرة. وفي جميع الأماكن كثيرة الماعز والحمير لخدمة الإنسان .
ويقسم شارل دوفوكو المنطقة إلى أربع أجزاء:
1- أجراف الشاطئ: إنها في كل مكان كما رأيتها في السابق.
2- الأودية: قصورها محروثة وتنتشر فيها القرى.
3- الشواطئ تكسوها جميعا أشجار الأركان، جزء من الشطح من تراب والجزء الآخر من صور بيضاء، منحدراتها وعرة إلى حد ما وتخددها شعاب وعرة...
4- الهضاب: تكون الجزء الأكبر من أراضي حاحا وهي الجزء الأهم منها .

وفي القرن السادس/12م، تقلص موطن حاحة من الشمال بسبب دخول العرب الهلاليين الدين استقدمهم يعقوب المنصور الموحدي من إفريقيا فقد تدفق هؤلاء على السواحل بالشاوية ودكالة فاختلطوا بالسكان الأمازيغ ونشروا في هده السواحل اللغة العربية وحمولتها من الأعراف والتقاليد، فأخذت هده المنطقة تتعرب تدريجيا إلى أن تغلبت العربية على اللهجات التي كانت سائدة قبل دلك في كل من دكالة وعبدة والشياظمة المستعربة حاليا وبدلك تقلص موطن حاحة الأمازيغية الذي يقتصر على منطقة محصورة بين مدينتي الصويرة واكادير وجنوبا تستوطنه اثنا عشر قبيلة متجاورة على الشكل التالي:
1. الصف الساحلي: إداوكرض، إداوسارن، إداوكيلول، أيتامر.
2. صف الوسط الهضبي: إنكافن، امكراد ، إداوكازو، إداوتغما.
3. الصف الشرقي الجبلي: أيت زلطن، إداوزمزم، إداوبوزيا، ايت عسى.
ٍ
2- الموارد المائية:
تعرف منطقة حاحا ضعفا في الموارد المائية، فرغم إطلالها على الساحل في جزء كبير منها إلا أنها تعاني خصاصا كبيرا في الموارد المائية، وخاصة منها السطحية، فقلة الأودية كما يشير إلى ذلك كاربخال: "تنبع فيها جداول بها أودية صغيرة" ، وصغرها، وتعرضها للجفاف في كثير من الأحيان أدى بالساكنة إلى حفر الآبار لتوفير الحاجيات اليومية من هذه المادة الحيوية.
فلقد نضبت الموارد المائية بدواوير أيت حساين ، تاوريرت ، إيمزيلن، أيت واسيف، تيمسوريين، إدحماد، بوزرو، إذ عثمان بشمال جماعة أيمي نتليت ، وبوركيك وايت صليب، وباتت أولوية الأولويات بالنسبة للأطفال والنساء هي إيجاد ما يجيب عن الحد الأدنى من احتياجات أربعة آلاف نسمة من الماء. وضعية كارثية بامتياز تعكس رصيدا صفرا من سنوات تدبير جماعي أسال الكثير من المداد، ولم يفلح إلى حدود الساعة في تحريك ساكن الجهات المسؤولة سواء تنظيمية كانت أو قضائية. إلا أن حالة الإذلال والعقاب الجماعي التي طالت الساكنة لم تولد سوى بوادر انفجار اجتماعي ، وجد تعبيراته إلى حدود الساعة في أشكال احتجاجية سلمية ، بداية باحتجاجات 31 يوليوز 2012 بدوار بوزرو ، و 02 غشت 2012 ببهو قيادة سميمو، والتي تمخضت عن وعود لم تتحقق بتيسير سبل الولوج إلى الموارد المائية لساكنة المنطقة . وضع دفع بالساكنة إلى الاحتشاد والتحرك بشكل عفوي يوم الاثنين 13 غشت 2012 في إطار مسيرة جماهيرية توجت بوقفة احتجاجية أمام مقر الجماعة .


اظغط هنا لتشاهد الصورة بحجمها الطبيعي

هذه الوضعية الصعبة من حيث المورد المائي، أدت إلى احتقان اجتماعي في بعض المناطق، وخاصة منها الجبلية، فأغلب السكان يتزودون بحاجياتهم اليومية من نقط مياه بعيدة يضطرون إلى السفر إليها لساعات طوال بواسطة الدواب.
كانت المنطقة وخاصة منطقة إذاوكرض إلى حدود القرن التاسع عشر مجالا تنتشر فيه صناعة قصب السكر، قرب وادي سمي على أسم هذه الصناعة "وادي القصب"، إلا أن تراجع مياه هذا الوادي الذي كان دائم الجريان إلى موسمي الجريان، أدى إلى توقف زراعته في نهاية القرن 19م. وحاليا تعيش المنطقة تحت رحمة الأمطار وما تختزنه العيون الباطنية وبعض المطفيات التي لازال العمل بها في جل هذه المنطقة.
ثانيا: المؤشرات البشرية:
1- لمحة تاريخية:
قبيلة تعد في عرف النسابين من قبائل مصمودة من جملة شعوب البرانس، وحاحة اسم قديم، ضارب في أعماق التاريخ مند ما قبل الإسلام، كما يطلق اسم حاحا أيضا على المجال الجغرافي الذي تستوطنه هده القبيلة من باب الإضافة فيقال: (بلاد حاحة) ثم حذفت كلمة بلاد للاختصار فأصبح إطلاق حاحة على المواطن يغني عن ذكر المضاف.
وبفضل موقع حاحة وسط المغرب كجسر رابط بين الشمال والجنوب المغربي فإنما تمثل قطب الرحى للحوادث التاريخية والتفاعلات الثقافية والحضارية التي عرفها المغرب عبر العصور فتألقت بسبب دلك أسماء حاحية لامعة في مجال السياسة والدين والأدب أمثال، العبدري الحيحي، وسعيد بن عبد المنعم الحاحي، ويحيى الحاحي الأديب السياسي والقائد الحاج عبدالله الحاحي وأنفلوس الحاحي وغيرهم.
وفيما يخص علاقة حاحة بالمخزن يبدوا أنها كانت من إيالة البرغواطيين في بعض الأوقات التي تقووا فيها وامتد نفوذهم إلى تامسنا على ساحل البحر إلى ماسة بسوس.
وثم لما اندفع للمتونين من الجنوب كانت حاحة والشياظمة أول باب فتح لهم إلى الحوز لأن الركراكيين الدين عمروا في القرون الهجرية الثالث والرابع والخامس الجواز إلى رباط شاكر على مسيل وادي نفيس كانوا دائما ضد البرغواطين، فلذلك مدوا أيديهم للمرابطين ثم كثر ذكر حاحة بعد دلك في الدوائر المخزنية .
وفي العصر الموحدي، ناصر أهل حاحة دعوة المهدي بن تومرت في بداية عهدها ، وفي عام 541هـ/1146م، ارتد الحاحيون مع من ارتد من قبائل مصمودة عن المذهب الموحدي، لذلك وجه عبدالمومن إلى حاحة جريدة والوعظ والاعتراف على يد قائديه المخلصين وهما: صهر أبي سعيد، وعثمان بن مناد. وفي العصر المريني ظلت حاحة تعيش على شكل أحياء صغيرة تحيط نفسها بدائرة من الأسرار، وغالبا ما يحكم ه\ه الأحياء أعيان محليون يديرون شؤون قبائلهم الصغيرة الملتفة حول قلاع(إيكيدار) تتشكل الأحياء البربرية في الجنوب مند قرون إلى أن ظهر الحكم السعدي حوالي عام 918هـ/1512م، فخلقت هده التجمعات السكنية بحاحة وإيداوتنان عدة صعوبات للمخزن السعدي، لم تلبث أن اختفت واحدة تلو الأخرى بسبب هجمات البرتغاليين والأعراب الدين دمروا عددا كبيرا من تلك القلاع التي سماها الحسن الوزان بمدن حاحة، فوصف عمرانها وما آلت إليه من خراب.
وفي ظل الدولة العلوية تحولت بالخصوص إلى قبيلة مخزنية في عهد المولى رشيد 1075/1082، وأخيه المولى اسماعيل 1082/1139، فعندما سلك الأول طريق حاحة على رأس الثمانينيات في القرن 11هـ، لم يلاق أي مقاومة في هذه المنطقة إلا من طرف سكان جبال إيداوتنان الذين قرروا حمل السلاح في وجهه عند نقطة كاب غير جهة أكادير،...وتوالت الحملات التأديبية بدون توقف وكانت تمر غالبا من بلاد حاحة تم أصبح البلد مسرحا لحروب بين أبناء السلطان المولى اسماعيل، فبقيت حاحة في الأطراف متمتعة باستقلالها إلى أن جاء عهد سيدي محمد بن عبدالله 1171/1206م.
يبدوا أن رياح المقاومة والنضال في سبيل مصرة الحق والمشروعية متأصلة في قبائل حاحا مع ما يتطلب ذلك من شجاعة وتضحية، وتشهد بذلك الحروب التي خاضوها ضد برغواطة، و كذلك تحت لواء كبار علمائهم من شيوخ الزوايا أمثال (محمد بن سليمان الجزولي 870هـ/1465م)... .
2- الأنشطة الفلاحية:
يشغل جل ساكنة حاحا أنشطة فلاحية تقليدية، كالحرث وتربية الماشية، فأغلب مزروعاتهم عبارة عن حبوب من شعير وقمح وذرة،فلقد جاء في إشارة لشارل دوفوكو عن المنطقة أنها:" تكسوها المزروعات في جزأها الأكبر، حقول شعير وقمح وبها أشجار أركان كانت عليه حقوا إلن" وهناك إشارة لمرمول كاربخال يقول فيها:"ينمو فيها شعير كثير لكن القمح لا ينبت فيها أصلا" ، ويمكن أن نقول هنا بأن ساكنة المنطقة لم تكن تعرف زراعة القمح إلا في الآواخر أي مع رحلة دوفوكو في القرن 18م، وهناك من السكان من يزرع بعض الخضروات في المناطق التي تحادي واد القصب، ولا زالوا يحافظون على الطرق التقليدية في الحرث بالدواب والمحاريث التقليدية، رغم دخول الآلات إلى هذه المناطق وخاصة في الوقت الراهن. وبالإضافة إلى الزراعة يهتم ساكنة منطقة حاحا بتربية بعض رؤوس الماشية، من أبقار وماعز وأغنام وإبل، وبحكم الطبيعة الوعرة فإن أغلب الساكنة يهتمون بتربية الماعز، إذ يقول مامول كاربخال:" وفي جميع هذه الأماكن قطعان كثيرة من الماعز والحمير لخدمة السكان" نظرا لقدرته على التكيف مع مناخ المنطقة وكذلك قلة الماء، بالإضافة إلى قدرته على صعود أشجار الأركان والتقاط أوراقها، وبالتأكيد فإن الحرفين يعتبرون جلود الماعز من أهم الجلود في المنطقة وكذلك على الصعيد الوطني، فالصويرة كعاصمة حضارية للمنطقة استحوذت على القسط الأوفر من تجارة الجلود وخاصة في العهد العلوي والتي تضررت بشكل كبير مع فرض الترتيب الحسني الذي قوبل بالرفض وجعل هذه التجارة تتراجع بشكل كبير في هذه الفترة ، وفي نفس الوقت تعتبر المنطقة مجالا مناسبا لانتشار تجارة النحل:"وتجارة النحل بها رائجة كتجارة الماعز بسبب الكميات الهائلة التي يستخرج منها وتباع مع الجلود" . واهتم الساكنة أيضا بتربية الإبل لقدرته على أكل أوراق شجر الأركان المشوك، والتأقلم مع الجفاف.



اظغط هنا لتشاهد الصورة بحجمها الطبيعي


المحور الثاني: الأزمات المناخية و ردود فعل الساكنة:
أولا: الأزمات المناخية:
تجدر الإشارة إلى أنه يصعب رصد الأزمات المناخية في المنطقة لوحدها، نظرا لغياب المصادر والمراجع التي تطرقت لهذا الموضوع بالذات، اللهم بعض الإشارات المتناثرة هنا وهناك في مصادر نقلت لنا أخبار المنطقة في سياق حديثها عن مواضيع أخرى أو رحلات مرت بهذه المنطقة وتصف لنا أحوال أهلها، أو ما جاء في كتابات تطرقت لمدينة الصويرة كحاضرة عاشت أوجا من الازدهار وخاصة في عهد سيدي محمد بن عبدالله، ولهذا حاولنا رصد بعض الأزمات المناخية التي مست ربوع الوطن بصفة عامة، وبالمجال الحاحي بصفة خاصة، ومن هنا يمكن أن نربطها بشكل وثيق بالأزمات المطرية التي تكون إما كثيرة إلى حد الفيضان و السيول، أو قليلة إلى حد الشح والجفاف، فكان لابد على ساكنة المنطقة من التكيف وإبداء ردود فعل متنوعة.
تأثر سكان منطقة حاحا بالتغيرات المناخية شأنهم في ذلك شأن جل سكان المغرب. فرغم ما عاناه المغرب وخاصة في القرن 19م من أزمات سياسية داخلية وخارجية ، فإن المناخ كان له الدور الكبير في دخول المنطقة في سنوات عجاف، "ولاسيما تأثير الجفاف الذي عاشته مناطق المغرب الجنوبية في ما بين 1878/1882، الذي شكل عاملا له دلالته القصوى في تحركات الساكنة خلال القرن 19م" ، ففي فترة تمتد حوالي قرن من الزمن، ما بين 1798 و 1896م، توجد دلائل عن حوالي 40 سنة من قلة المؤونة أو الجفاف في جنوب المغرب. وقد أدت المجاعة إلى وفيات عديدة...وكان وباء من الأوبئة الخطيرة يأتي على قسم كبير من السكان كل 10 سنوات أو 20 سنة وكانت سنوات الرخاء نادرة، بل يبدوا أن فترات المحاصيل العادية كانت تأكلها سنوات الجدب ، ومن تم كانت الشدة الخطيرة على العامة لا تلين إلا نادرا في مغرب القرن التاسع عشر .
لقد اجتاحت المنطقة أمراض وأوبئة كالتيفوس والكوليرا . فلقد أسفرت هذه الأوبئة حسب بعض التقديرات عن هلاك ربع سكان المغرب وثلثهم، بينما أدرك الموت ما يقارب نصف سكان حاحا وسوس ، وإن كانت هذه المصادر قد ضخمت الأعداد شيئا ما فإن الخلاصة هي قضاء المجاعة على فئة كثيرة من سكان المغرب وكذا سكان منطقة حاحا.
وبطبيعة الحال سيحاول الساكنة التأقلم مع المناخ السائد في هذه المنطقة بطرق متنوعة، إما من خلال استغلال الموارد المحلية ومن أهمها غابة الأركان، وبعض المصنوعات الجلدية وكذا العسل المحلي، واستغلال مجموعة من المأكولات التقليدية لسد رمق الجوع، ك"توميت"، أو "أزنبو" وهي أكلة قديمة في المنطقة عبارة عن حبوب مطحونة يتم خلطها بالماء الساخن والملح ، وزيت أركان وأكلها باليد مع الشاي، وهي أكلة قديمة في المنطقة أوردها مجموعة من المؤرخين خاصة مارمول كاربخال، وهذه الأكلة تتسم بقدرتها على الإشباع فيستطيع الرجل العمل طول النهار دون الحاجة إلى المزيد من الأكل.
استفاد الساكنة كذلك إثر التقلبات المناخية من شجر الأركان الذي يسود في المنطقة فالأركان يعتبر عنصرا مهما لحماية البيئة ومصدر عيش عدد كبير من الأسر. فالمحافظة على التوازن البيئي بمنطقة تتسم بمناخ شبه جاف أو جاف، ساهم بشكل كبير في تخطي مجموعة من الأزمات التي كادت أن تودي بالساكنة، بالإضافة إلى كونها مصدرا اقتصاديا للساكنة المحلية.
ويشمل الأثر الايجابي لهذه الشجرة، على الرغم من الإكراهات التي تعاني منها بسبب العوامل الطبيعية أو سوء استغلالها، عدة جوانب الاقتصادية والاجتماعية وطبيعية، وذلك بالنظر إلى أنه يستخرج من ثمرها زيت الأركان التي أصبح لها صيت وطلب عالمي لما لها من فوائد صحية كثيرة، بالإضافة إلى استعمال هذه الثمار كعلف للماشية .
وتبقى التغيرات المناخية إلى جانب الاستغلال غير المعقلن من رعي جائر وجمع ثمار الأركان وحطب التدفئة من أسباب هشاشة هذه المنظومة بالمنطقة والتي تحد بشكل مباشر من إمكانية التخليف الطبيعي لهاته المنظومة الغابوية، ما يستدعي اللجوء إلى التخليف الاصطناعي عبر غرس شجيرات الأركان التي يتم إنتاجها بالمشتل الغابوي أوناغة بالصويرة (220 ألف شجيرة أركان سنويا)، بحيث ومنذ 2005 تم تخليف أكثر من 4150 هكتار من الأركان بالمنطقة .
ولتخفيف الضغط على هذه الثروة الطبيعية من رعي مكثف وغيره، تتبنى المندوبية السامية رؤيا قيادية تأخذ بعين الاعتبار المعطيات البيئية والاجتماعية و الاقتصادية الهادفة إلى تحسين ظروف عيش الساكنة المحلية وتعطي الأولوية فيها للتنمية المندمجة للمناطق الغابوية، اعتمادا على مبدأ تشاركي أخذا بعين الاعتبار ضرورة التوافق بين المحافظة على الثروات الغابوية و تلبية حاجيات الساكنة المحلية .
لازالت الذاكرة الجماعية في المنطقة تحتفظ بصور المجاعات التي ضربتها، واختلفت التسميات حسب الوسائل التي كافح بها الساكنة الجفاف، سواء تسميات الأكل التي تغذى عليها الساكنة أو تسميات تبين مدى شدة ما مر به الساكنة، فنجد أسكاس نتلخشا (أي عام الفول)، أسكاس نتوميت (عام الزميطة)، أسكاس نيرني (عام يرني)، أسكاس نجوع (عام الجوع)، سنوات من الترحال والتنقل بالإبل والدواب من منطقة إلى أخرى طلبا للماء، أو غطاء نباتي للدواب، وانتشرت كذلك تسميات حول سنوات الفيض، (أسكاس نلفيضان) وأسكاس نلهديم...، إن هذه التسميات تعبر بشكل جلي عن ما عاشه أجدادنا من مصاعب ارتبط جلها بالتغيرات المناخية، فلا تكاد يمر ربع قرن حتى نجد المنطقة تغيرت بفعل الهدم أو السيول أو الجفاف واجتتات ما تبقى من غطاء نباتي.

ثانيا: ردود فعل الساكنة:
تتكيف ساكنة منطقة حاحا مع الظروف الطبيعية الصعبة، بالاعتماد على مورد أساسي وهو غابة الأركان، وأزوكا أو العرعار والتي تدخل ضمن النسيج التنموي للمنطقة، وخاصة مع دخول الأركان إلى ميدان العمل الجمعوي والتعاونيات، فلا نكاد نمر من دوار صغير كان أو كبير إلا ونجد تعاونية أو جمعية لتسويق زيت أركان، أو بقاياه التي تعتبر علفا جيدا للماشية.
1- الأركان:


غابة الأركان بمنطقة حاحا


اظغط هنا لتشاهد الصورة بحجمها الطبيعي


نبات اللوز البربري، نوع نباتي هو اركانيا سبينيوزا Argania spinosa، وأركان ينتمي إلى فصيلة السبوتيات spotaceae التي تنتشر أجناسها بالمناطق المدارية لكن أركان، هدا النوع المحلي الأصيل يميز في الواقع دون غيرها المنطقة الوسطى من الساحل الأطلسي المغربي. وكان ابن البيطار قد أشار إلى وجود هده الشجرة بالمغرب الأقصى حيث سماها باللوز البربري وذلك في القرن السابع الهجري 13م .
يعكس هذا النوع المتوطن أهمية نبتية وفائدة اقتصادية في ذات الوقت فهو يشغل مساحة تترواح بين 500.000 و650.000 هكتارا ،يستوطن المناطق الجافة ما بين مصب وادي تانسيفت وسوس، كما يغطي جزء شاسعا من سهل سوس وأحواضه النهرية الواقعة بالأطلسين الكبير والصغير، ثمة بقع أخرى معزولة توجد بالأقاليم الصحراوية وفي أحواز الرباط . تدل على أن المساحة القديمة لهذه النوع كانت أكثر اتساعا ، الاركان نوع أليف الحرارة والجفاف ، إذ تتوزع رقعته بين البيومناخين الجاف وشبه الجاف ،بينما لا يتجاوز حده الأعلى 1.500 م الذي يعتبر بمثابة الحد الادنى لتساقط الثلوج . يتطور هذا الصنف المقاوم والمرن في القطاع الماكرونيزي المغربي ، المرسوم بضعف التساقطات مع وفرة الرطوبة الجوية المرتبطة بالندى والضباب الساحلي ، أما المشاهد التي تتنظم فيها هذه الشجرة فتتجلى من جهة في غابة الأركان والبساتين المختلطة بالزراعات ، او أنها تبدو على شكل غابة ""متنزه ترعى فيه قطعان الماعز من جهة أخرى يبدوا وأنه مهما كان المشهد ، فإن لهذه الشجرة دورا فعال في حماية التربات بفضل نظامها الجذري العميق ، وإمدادها بالمادة العضوية ، وكذا إسهاما في إغناء التنوع البيولوجي ، باعتبار أن الحاشية النبيتية للأركان تتغير تباعا للبيومناخات ولظروف الوسط التي يقع تحت تأثيرها ، لقد أضحت هذه الشجرة مهددة بالإنقراض . إن خشبها يعطي فحما عالي الجودة وثمارها وأوراقها تستعمل كعلف ،كما أن جوزها يلتقط لأجل الزيت ،وما تخلف منها من ثفل يقدم ككلأ للماشية وهكذا يعد الأركان صنفا ذا وظائف متعددة : غابوية واثمارية وعلفية ، علما بأنه خاضع لاستغلال مكثف وأن رقعته إلى حدود بداية القرن الماضي كانت تتجاوز 1.400.000 هكتار .
إن هذه الشجرة الموروثة عن الزمن الجيولوجي الثالث ، لجديرة أن تلقى العناية والحماية الكافتين ، ولهذه الغاية اتخذت ومنذ البداية القرن 20 ،تدابير كثيرة استهدفت إيجاد تصالح بين استغلالها كمورد والمحافظة عليها كتراث طبيعي ،وقد توج ذلك بإصدار ثلاثة نصوص تنظيمية ، تمتلث في ظهيري :1925 و1958 ومرسوم إداري سنة 1938 ، تحولت على إثرها مساحات الأركان إلى غابة مملوكة للدولة ، مع إخضاعها لقوانين غابوية تراعي حقوق الانتفاع بالنسبة للسكان المحليين ، ولعل أخطر مشكل يطرح بخصوص غابة الأركان يكمن في الزمن الذي يستغرقه تجددها ، باعتبار مواصلة الاستغلال الذي تتعرض له مجالات التخليف ، ولأن النمو الديموغرافي وتطور الزراعات الكثيفة ، علاوة على تزايد القطعان ، ما فتئت تمارس ضغطا مستمرا على مجال توزيعه .
الصفات النباتية: أركان شجرة ذات تاج كبير ومستدير، لكن جذعها قصير وغير مستقيم، ومكسو بقشرة مشقفة وشبه نفضية، إذ أنها تتساقط بعد مدة طويلة من الجفاف. أزهاره صغيرة وذات لون أبيض وتظهر في فصل الربيع لتعطي ثمرات عنبية، وحجمها أكبر بقليل من ثمرة الزيتون.
التوزيع البيوجغرافي: تعطي أركان حاليا حوالي 700000 هكتار موزعة ما بين الصويرة وإفني، على سهول عبدة والشياظمة وحاحا وسوس وماسة وسفوح الأطلس الكبير والأطلس الصغير الغربيين، والجدير بالذكر هنا هو أن التشكيلات كانت إبان الزمنين الثلاثي والرباعي مساحات شاسعة، والسبب في تقلصها هو كثرة أمطار الرباعي من جهة، وتأثير عوامل التدهور من جهة أخرى.
تظهر تشكيلات أركان ابتداء من مستوى سطح البحر إلى حدود 600 متر من الارتفاع، ويمكن أن تصادف حتى إلى حدود 1300 متر من الارتفاع على الواجهة الجنوبية لجبال الأطلس والمتوسطي الدافئ. أما من حيث البيومناخ فإن أركان يقطن في المناطق الجافة وشبه الجافة واستثنائيا الجافة جدا. وفي هذه الحالة الأخيرة فهو لا يخرج عن مجاري الوديان الموسمية، ويجب أن تكون هذه المناطق البيومناخية حارة في أغلب الأحيان أو معتدلة.
تتكيف تشكيلات أركان مع جميع أنواع الصخور والأتربة باستثناء الرملية منها وهي غير مستقرة، وأهم الأنواع المصادقة هي التربة الرمادية السهبية. ونظرا لكون أركان يمتد على مساحات شاسعة فإن هذه الشجرة تنظم عشائر نباتية متعددة تختلف حسب الظروف البيئية لكل منطقة من المغرب، فعلى الساحل نجد تشكيلات أركان محتوية على عدة أنواع مكارونيزية مثل الدغموس اليوفربيوم الصباري، وفي منطقة الحوز يترك أركان المجال السهلي المغربي، وفي اتجاه المناطق الأكثر رطوبة يظهر العرعار البري .

الاستعمالات:
يلعب أركان دورا مهما جدا في الميدان الاجتماعي والاقتصادي لهذه المناطق، فخشبه وإن كان صلبا فإنه يستعمل في النجارة، والتدفئة ويعطي فحما ممتازا. أما أوراقه التي تكون مرعى معلقا فهي تعتبر المصدر الوحيد لتغذية الماعز في الفصول الجافة. وحتى تماره تدخل في تغذية الماشية كعلف رفيع لكن البذور الملقاة أو الملتقطة تعطي زيتا يستعمله الإنسان في مأكولاته .



اظغط هنا لتشاهد الصورة بحجمها الطبيعي


تتواجد قبائل حاحا وسط فضاء غابوي يكسوه شجر الأركان والعرعار في الجهة الساحلية، وتزاول غالبية الساكنة الفلاحة البورية أنشطتها في أراضي شبه منبسطة يزرع فيها الشعير والذرة والقمح البري، ونظرا لمناخها المعتدل فإن هذه الأراضي تظل معطاءة ولو في أيام الجفاف، وتظل تربية المواشي من ماعز وأغنام والأبقار هي أهم مورد اقتصادي لأهل المنطقة، هذا بالإضافة إلى عائدات الشبان العاملين في المدن كأكادير والبيضاء والرباط إما في التجارة أو في البناء أو في البحار ورغم قرب القبيلة من مدينة الصويرة إلا أن هذه الأخيرة تعتمد أساسا على الجانب السياحي، وكما عرفت قبل سنوات إغلاق مجموعة من المعامل مما جعلها لا تستقطب كثيرا الطبقة العاملة من هذا النوع .
تشكل حاحة جزءا كبيرا من إقليم الصويرة عاصمة "أركان " مما يجعلها قبلة لمجموعة من الجمعيات المهتمة بهذه الشجرة والتعاونيات النسائية التي تم تأسيس أغلبها في إطار مشروع التعاون التقني الألماني، والاهتمام بهذا النوع سجل لدى بعض الساكنة تخوفات حول مستقبل أركان رغم طمأنتهم من قبل بعض الجمعيات أن لا خوف عما كانوا يستغلونه من هذه الشجرة ، إلا أن التطور الذي سجله إنتاج زيت أركان وتصبيره بشكل إشهاري وتسويقه إلى الخارج أدهش هؤلاء الذين كانوا يقتصرون على بيع قنينات معدودة من زيت أركان لسد حاجياتهم المعيشية، مما جعلهم يتساءلون عما سيسفر عنه هذا التطور ؟

2- العرعار أو أزوكا:

صورة لشجر العرعار


اظغط هنا لتشاهد الصورة بحجمها الطبيعي


أو عرعار بري "أملزي- تازوت"، العرعار يطلق عامة على نوع نباتي وهو تيتراكلينيس أرتيكولاتا tetractinis articlata أو على أنواع جنس بونيبيروس juniperus، والجنسان ينتميان إلى فصيلة السرويات capressaceae .
الصفات النباتية: شجرة متوسطة القامة لا يتعدى علوها 15 مترا، تأبها كثير الأغصان لكنه لا يعطي ظلا كثيفا. جذعها غير مستقيم ومشقق طولانيا براعمها مخبأة بواسطة أوراقها، وهذه الأخيرة حرشفية متراكبة فوق بعضها ومتقابلة مثنى مثنى، أزهارها وحيدة الجنس ووحيدة المسكن وتظهر في الخريف على هيأة إزهارات خفيفة، ثمارها مخروطية شبه مكعبة وتحتوي كل واحدة منها على 4 حراشف متخشبة، بذورها مجنحة.
التوزيع البيوجغرافي: العرعار البري شجرة من المخروطيات القلائل التي إذا قطع ساقها أعطت فسائل من أرومتها، وهذه الميزة هي التي ساعدته على عدم الانقراض وعلى البقاء في مناطق شاسعة من المغرب وشمال إفريقيا .
يعيش العرعار البري في البيومناخين شبه الجاف وشبه الرطب السهلي، الحارين والمعتدلين، أي أنه لا يتحمل البرودة، وهو يصادف ما بين سطح البحر و 1000 متر في الشمال و 1500 متر في الجنوب. ومن هنا يتلاءم العرعر مع المناخ السائد بمنطقة حاحا إذ يشكل الغطاء النباتي السائد بالدرجة الثانية بعد شجر الأركان.
الاستعمالات: يعطي جدع العرعار البربري خشب متوسط الجودة لكن خشب أرومة أشجاره المعمرة ثمين جدا، إّذ يستعمل في صناعة كثير من أدوات الزينة وأثاث المنزل مثل الموائد والقلب التي ترصع بخشب الليمون. وخشب العرعار تكاد تكون مصدر الشغل الوحيد للصناع التقليدين بالصويرة .



اظغط هنا لتشاهد الصورة بحجمها الطبيعي




اظغط هنا لتشاهد الصورة بحجمها الطبيعي


خــــاتمـــة:
لقد لعب ابتكار الزراعة ، دورا أساسيا في تطور الحياة البشرية ولعل معظم المنجزات التي ستميز العصور التاريخية ، تستند في بواكرها على الثقافة الزراعية التي خرج من رحمها ، التجارة والاقتصاد والكتابة والمعتقدات الكبرى في الحياة الإنسانية، يقول جاك كوفاك :" بعد المنعطف الذي سمي الثورة النيولتية _الزراعة_ ، أخد أكثر المنعطفات حسما من بين منعطفات التاريخ البشري الكبرى ، فهو بداية أولى معالجات نوعنا لوسطه الطبيعي، والتي تشكل مباشرة أصل قدرته الحالية وبالتالي فإن تحليل هذا التحول في شروطه وأساسياته ، غاية ضرورية لمن يهتم بمستقبل الحضارة"، ويبدوا أن المجتمعات على اختلاف موقعها الجغرافي، أفرزت حضارات كبرى انطلقت من اكتشاف الزراعة والتشبث بالأرض والاستقرار، إلى التحكم في المجال من خلال التحكم في نقط الماء وشق الترع والسواقي وسقي البساتين والأراضي، والانطلاق في الكسب الحضاري في جميع تجلياته.
وحاول الإنسان التكيف مع الطبيعة القاسية، خاصة ندرة المياه وغيابها في أحيان أخرى، من خلال البحث والتنقيب عن الموارد الباطنية، أو الاحتماء في العالية في وقت السيل والفيضان. فالتغيرات المناخية المتوالية ساهمت في بشكل كبير في ترحيل ساكنة من مناطق إلى أخرى أو استقرارها في أماكن دون أخرى، وخلق طرق للتكيف مع غضب الطبيعة وقساوة المناخ.
وفي خضم هذه الأحداث لا تخرج قبيلة حاحا من مصاف القبائل التي عانت الكثير إثر التغيرات المناخية، وحددت بشكل أو بآخر ملامح الساكنة في الوقت الراهن، وأحكم الخوف من عودة هذه الأزمات ذاكرة السكان، ورغم كل هذا فما تجود به أرض هذه المنطقة من ثروات طبيعية محلية ساهمت بشكل كبير في تجاوز أشد الأزمات فتكا ، ونخص بالقول هنا غابة الأركان، هذه الثروة المحلية التي تسير نحو الاجتتات والانقراض، كانت ولا تزال مركز الرحى في قبائل حاحا، فوجب الحفاض عليها وعقلنة استغلالها، فهي تحكي تاريخ منطقة عاشت قرونا من الزمان وعايشت أحداثا سال عليها حبر العديد من الكتب والمقالات والبحوث.
_______________________________
1 - دانيال شروتو:"تجار الصويرة، المجتمع الحضري والامبريالية في جنوب غرب المغرب 1844/1886"،تعريب: خالد بن الصغير، منسورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط،1997 ، ص: 237.
2- مارمول كاربخال:م س،ص:5
3- الموقع الالكتروني: الاخبار/روبورطاج-إداوكرض-إحدى-كبرى-قبائل-إحاحان-الساكنة-ونمط-العيش.
4. الزياني: الترجمانة الكبرى، ص:255.
5- مارمول كاربخال، ترجمة: محمد حجي، محمد زنيبر، محمد الأخضر، أحمد توفيق، أحمد بنجلون، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرباط، 1404هـ/1984م، ص:5.
6- مارمول كاربخال: م س،ص:5
7- الموقع الإلكتروني:
8. أيت الحاج محند: معلمة المغرب، الجزء 10، الخزانة العامة للكتب والوثائق، الرباط، ص:3264،3265.
9. أيت الحاج محند: معلمة المغرب، الجزء 10، الخزانة العامة للكتب والوثائق، الرباط، ص:3266.
10-شارل دوفوكو:"التعرف على المغرب"، الجزء 1، ص: 247.
11- مارمول كاربخال:م س،ص:5.
12-نفسه، ص:5.
13- دانيال شروتو:"تجار الصويرة، المجتمع الحضري والامبريالية في جنوب غرب المغرب 1844/1886"،تعريب: خالد بن الصغير، منسورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط،1997 ، ص: 237.
14- مارمول كاربخال:م س،ص:5
15-نفسه، ص:5.
16- دانيال شروتو:"تجار الصويرة، المجتمع الحضري والامبريالية في جنوب غرب المغرب 1844/1886"،تعريب: خالد بن الصغير، منسورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط،1997 ، ص: 237.
17- مارمول كاربخال:م س،ص:5
18- تتعلق بعلاقة السلطة المركزية بالقبائل بشكل عام، وما رافقه فرض ضريبة الترتيب من تأزم للأوضاع الاحتماعية للسكان.
19- تتجلى في نمو الإمبريالية الغربية،وتسربها إلى السواحل المغربية.
20- دانيال شروتو، م س، ص:367.
21-نفسه،ص:367،368.
22- محمد أمين البزاز:"الأوبئة والمجاعات في مغرب القرن 18م و19م"،
23- أفرد المؤرخ بوجمعة رويان في هذا الموضوع وخاصة في الفترة المعاصرة من خلال إعطاء تعريفات لكل وباء على حدة، وذلك في مجموعة من المقالات والندوات والكتب، ولعل أهمها مقال ضمن كتاب "وقفات في تاريخ المغرب، الدراسة المهداة لإبراهيم بوطالب"، والماء والصحة ضمن أعمال ندوة الماء في تاريخ المغرب منشورات كلية الآداب مراكش، وتجدر الإشارة هنا إلى أن موضوع الأوبئة والمجاعات في القرن التاسع عشر أخذ اهتمام مجموعة مهمة من المؤرخين، حتى قيل بأن القرن التاسع عشر قتل بحثا.
24- تشتهر المنطقة كذلك بتصفية مياه البحر لاستخراج الملح، إذ تنتشر على سواحل هذه المنطقة وخاصة منطقة إداوعزا، مستنقعات ثم صنعها من طرف الساكنة، يتم فيها تجميع مياه البحر وتركها حتى يتبخر الماء وتجف البرك وتترك مادة الملح المستخرجة لتوزيعها في الأسواق الداخلية والخارجية.
25- الموقع الإلكتروني: ، 03/05/2016.
26- الموقع الإلكتروني: ، 03/05/2016.
27- الموقع الالكتروني: الاخبار/روبورطاج-إداوكرض-إحدى-كبرى-قبائل-إحاحان-الساكنة-ونمط-العيش.
28. بنعبيد عبدالمالك: معلمة المغرب، الجزء 10، ط 1984، ص: 322.
29. أطاليس إفريقيا:"أطلس المغرب"، مجلة جغرافية المغرب، فرنسا،2011،ص:21.
30- نفسه،ص:
31- بنعبيد عبدالمالك : معلمة المغرب، ص:322.
32-نفسه، ص:323.
33- الموقع الالكتروني: الاخبار/روبورطاج-إداوكرض-إحدى-كبرى-قبائل-إحاحان-الساكنة-ونمط-العيش.
34- بنعبيد عبدالمالك: معلمة المغرب، ص:367.
35-بنعبيد عبدالمالك: نفس المرجع، ص: 368.
36- بنعبيد عبدالمالك: م س،ص:368.

إعداد/عبدالله امجهادي وعزيز فردان

المصدر